هل تخيلت يومًا أن كل تفصيل عن حياتك قد يكون مكشوفًا للعالم؟ أن كل معاملة مالية، وكل كلمة كتبتها، وكل صورة التقطتها، قد تكون في متناول يد أي شخص؟ في عالمنا الرقمي، أصبح هذا السيناريو مرعبًا وقريبًا جدًا من الواقع. تخيل أن حياتك بأكملها يمكن أن تنهار بنقرة زر واحدة. كيف تحمي نفسك من هذا الخطر الداهم؟
تبعًا لذلك كان لا بد من وجود درع حامي وحصن منيع أمام هذه التهديدات والمخاطر التي لا تعد ولا تحصى، متمثلاً في أمن المعلومات الذي أصبح ضرورة حتمية في مواجهة كافة التحديات الغير مسبوقة من قبل لصوص البيانات، كما وأنه يعتبر خط الدفاع الأول ضد أي هجوم في عالم المعلومات الرقمية وعمليات تبادل البيانات.
في هذا المقال سنتحدث عن أمن المعلومات الذي هو دليلك في حماية بياناتك من أي خطر قد يشكل تهديداً على حياتك.
لماذا يعد أمن المعلومات خط الدفاع الأول ضد أي هجوم في عالم المعلومات الرقمية؟
أمن المعلومات نظام متكامل يكمن في مجموعة من الأساليب والممارسات القيمة جداً، المسؤولة عن حماية كافة البيانات بمختلف مجالها وعملياتها من الوصول الغير مصرح به لها، أو حتى التلاعب بها من قبل لصوص عالم الانترنت اليوم، فبمجرد وقوع هذا النوع من البيانات في أيديهم ستحدث عواقب وخيمة تعود بالضرر على شخصها، فهي خطوة مهمة من أجل دعم وتعزيز هذه التقنية في عالم يهدد حياة الجميع بأي شكل من الأشكال.
حول التهديدات السيبرانية
مع انتشار التهديدات السيبرانية في كل مكان وازديادها إلى الضعف في الأعوام الأخيرة، حيث أصبح العالم الرقمي أكثر تعقيداً من ذي قبل، ابتداءً من عمليات التسلل والإختراق حتى الهجمات السيبرانية المفاجئة، فهذا النوع من التهديدات ليس مجرد مشكلات تقنية يمكن حلها بسرعة بل هي أعمق مما تتصور، لأنها تؤدي بنتائجها وعواقبها إلى فقدان بيانات مهمة وحساسة، إضافة إلى التأثير بشكل كبير على سمعة الشركة وتدمير الثقة بين جميع الأطراف.
فمن هنا كان لا بد من تسليط الضوء على واقع العالم الرقمي بشكل حقيقي، وفهم عميق لهذه التهديدات وكيفية التصدي لها.
سنتطرق في البداية إلى مصادر التهديدات السيبرانية التي تتنوع بين الأفراد والأدوات والتقنيات، وسنكشف عن الأطراف الخفية وراء كل هذه الهجمات، فمن أبرز هذه المصادر:
المنظمات السيبرانية الإجرامية:
هذه المنظمات قد تأخذ أكثر من شكل، فقد تكون على شكل مؤسسات أو منظمات أو حتى جماعة من الأفراد المتخصصة في التهديد السيبراني والهجمات الإلكترونية التي تسبب أضرار ضخمة على مجموعة من الفئات التي تضعها ضمن هدف هجومها الذي يكون ما بين ابتزاز أو سرقة أو اختراق.
القراصنة الرقميين:
أشخاص يعملون بشكل منفرد غير تابعين لأي منظمة أخرى، يمتلكون البرامج والبرمجيات المختلفة التي تمكنهم من عمليات الإختراق بكافة أشكالها وأنواعها.
الجماعات الإرهابية السيبرانية:
الجماعات التي تضع في أولى أهدافها زعزعة أمن دولة ما أو منطقة ما عبر تدميرها للقواعد الأساسية والبنى التحتية التي تقوم عليها الدولة.
الشركات المنافسة:
الكثير من الشركات تلجأ إلى أساليب منافسة غير شريفة، عبر لجوئها إلى أحد هذه المصادر التي تساعدها على تدمير منافسيها والتفوق عليها في سرقة البيانات المهمة وتعطيل أنظمتها وإبطال أهدافها.
الحكومة المعادية:
تقوم الحكومات المعادية بتجنيد قراصنة أو مخترقين لمهمات استخبارية بهدف التجسس على الحكومات الأخرى ومعرفة الخطط الخاصة بهم.
شركاء العمل:
هؤلاء يكونون في نفس الشركة، يعملون كموظفين فيها ولكنهم يسعون إلى الانتقام من أشخاص أخرين في نفس المكان وبنفس الطريقة.
جميع هذه المصادر تمتلك أهداف تخريبية بالدرجة الأولى.
وعندما ننظر بعمق إلى ما وراء كل هجمة سيبرانية، نجد أن هناك عوامل معقدة ومتنوعة غير مرئية للعيان هي السبب في شن هجمات إلكترونية للفرد أو الدولة، ومن أبرزها:
- ثغرات أمنية في تصميم البرمجيات أو نقص في تحديثات الأمان، حيث تعتبر من أبرز العوامل التي سرعان ما يبحث عنها المهاجمون للدخول عبرها.
- الأجهزة والأنظمة التي تفتقر إلى تدابير أمنية رئيسية ككلمة مرور قوية، التشفير التام بين الأطراف المختلفة، كلها تعد من الأهداف المغرية لجذب المهاجمين.
- السماح لأي فرد بالوصول الغير مصرح به، أو عدم تقييد الوصول إلى البيانات المطلوبة.
- توظيف التقنيات المتقدمة في عمليات الهجوم كالذكاء الاصطناعي والروبوتات الحديثة.
- نقص الموارد اللازمة في المنشآت الصغيرة التي تخدمها في تطوير تدابير الأمان الخاصة بها.
- تفادي الصيانة الدورية للخوادم القديمة مقارنة بالأنظمة المحدثة.
يتضح أن هذه العوامل تتنوع ما بين الثغرات الأمنية والتقنيات المتطورة وصولاً إلى التصرفات البشرية الغير مدروسة، لذلك من المهم التوعية في هذا المجال للتصدي بالشكل المناسب ومواجهة كل عامل من هذه العوامل بكامل الجهوزية والاستعداد.
تتنوع تهديدات الأمن السيبراني بشكل مفاجئ، وخلف كل تحدي أمني نوع فريد من التهديدات، التي تشكل خطراً على جميع الأنظمة والشبكات بمختلف مجالاتها وعملياتها، فهناك 8 أنواع من هذه التهديدات وهي:
البرامج الضارة:
أكثر البرامج شيوعاً بين المهاجمين، حيث يقومون بنشرها بين مجموعة من الأشخاص وبنقرة واحدة عليها تتم مراقبة أنشطة المستخدم ومتابعة البيانات السرية التي يقوم بإدخالها من موقع لآخر ومن منصة لأخرى.
هجمات الهندسة الإجتماعية:
نوع من الهجمات الذي يعتمد على التلاعب الغير مباشر بالفرد وذلك من خلال التلاعب النفسي للتأثير على الأفراد، بدلاً من استخدام الأنظمة وما شابه بشكل مباشر.
هجمات سلسلة التوريد:
هجوم إلكتروني ضد منظمات تقوم بتحديث برامجها وأنظمتها عبر روابط ضعيفة وغير موثوقة ما يعرضها هي وعلاقاتها الخارجية للخطر.
رفض الخدمة الموزعة:
عند رفض خدمة موزعة أو تجاهلها من قبل مجموعة من الأشخاص فإن النظام يتوقف عن العمل، فيمنع وصول أيّاً كان له، وبالتالي تصبح منطقة ضعيفة وسهلة الدخول منها بالنسبة للمهاجمين.
الوسيط المهاجم:
أي الوسيط الموجود بين المستخدم والخادم الموجود عبر الانترنت، فعندما يحاول المستخدم أو أجهزته الوصول إلى نظام بعيد، يمكن للوسيط المهاجم سرقة البيانات الحساسة أو ابتزاز الفرد بها.
الهجمات المتعلقة بكلمة المرور:
في هذا النوع من الهجمات يتم الوصول إلى كلمة المرور الخاصة بالمستخدم بطرق مختلفة منها: الاتصال بالشبكة أو استخدام الهندسة الاجتماعية أو التخمين أو الوصول إلى قاعدة بيانات كلمات المرور.
هجوم ثقب المياه:
هون نوع نادر الاستخدام، ولكن معدل نجاحه مرتفعاً للغاية، فهو يصيب المنظمات أو المؤسسات التي تقوم بزيارات مستمرة ومتكررة تجاه موقع إلكتروني ما، ومن ثم تحميل برامج غير آمنة منه.
التهديدات المتقدمة:
إحدى الطرق التقليدية والأنشطة الغير طبيعية التي يقوم بها المهاجم للوصول إلى إحدى الشبات التي يستخدمها المستخدم دون اكتشاف هذا التهديد بسرعة فائقة.
يمكننا القول أن فهم هذه الأنواع المختلفة من التهديدات يعزز من دفاعاتنا الرقمية وحمايتنا للبيانات بكل ما لدينا من وعي وقوة في إدارة هذه المخاطر.
تنفيذ تدابير الأمان
هنا تأتي أهمية تدابير الأمان التي تلعب دور حاسم في مواجهة هذه التحديات بكامل أنواعها، والتي تمهد الطريق نحو عالم رقمي أكثر أماناً واستقراراً، فتدابير الأمان مجموعة من الإجراءات التي تخدم مصالح الأنظمة والشبكات والبيانات من التهديدات التي سبق وأن تحدثنا عنها، لضمان سلامة العمليات من نقطة البداية وحتى النهاية. ومن هذه التدابير:
الخطوة الأولى والأهم في تنفيذ تدابير الأمان هي تحديد ما يحتاج إلى حماية من أنظمة وشبكات وبنى تحتية وغيرها، والتقييم الشامل لكافة التهديدات المحتملة والمخاطر المتوقع حدوثها.
يتطلب الأمان طبقات متعددة ليكون بمثابة حصن منيع قادر على تحمل كثافة الهجمات الموجهة نحوه، وذلك من خلال:
- وضع سياسات واضحة تقيد من وصول الأشخاص إلى البيانات الحساسة.
- تشفير البيانات المخزنة والمعالجة لمنع تسريبها إلى أطراف أخرى أو حتى صعوبة قرائتها في حال الحصول عليها.
- استخدام برامج مكافحة للفيروسات والتهديدات التي تأتي من أماكن مختلفة أو مواقع إلكترونية ضارة.
- تدريب العنصر البشري حول استخدام وتأمين البيانات الخاصة بهم بالشكل الصحيح، إضافة إلة توعيتهم بالتهديدات الممكن حدوثها.
- إصلاح نقاط الضعف قدر الإمكان، وسد الثغرات الأمنية وإجراء اختبارات دورية عليها، تحديث الأنظمة باستمرار كلما تطلب الأمر.
- رصد وتتبع الأنظمة والشبكات في حال حدوث أي نشاط غير اعتيادي داخل هذه الأنظمة، للتعامل معها في وقت مبكر قبل أن تسبب بحدوث أضرار جسيمة.
- القيام بعمليات نسخ احتياطية وتخزين سحابية على مواقع آمنة من أجل استردادها أو تأمينها.
تنفيذ تدابير الأمان عملية معقدة تتطلب التوافق والتنسيق بين 3 جوانب وهي التقنية و السياسات والتوعية البشرية، لضمان استمرار العمل في بيئة آمنة.
الاستجابة الذكية لانتهاكات الأمان في 8 خطوات
لا بد أن تكون كل خطوة في مواجهة هذه التحديات وتنفيذ تدابير الأمان مدروسة ومنظمة بأعلى مستوى من الأمان، فالاستجابة لانتهاكات الأمان تتطلب تحضيراً مسبقاً وتنفيذاً سريعاً تجاه أي خرق أمني مفاجئ، فهذه العملية تقلل من الأضرار والنتائج السلبية ومنع تكرار حدوثها مرة أخرى، هنا سنتطرق إلى كيفية توظيف الذكاء في الاستجابة لانتهاكات الأمان المختلفة في 8 خطوات:
- إعداد خطة يحدد فيها دور ومسؤولية كل شخص في فريق الاستجابة، والإجراءات التي يجب اتباعها في حال حدوث أي خرق أمني مفاجئ.
- أدوات مراقبة وأنظمة رصد وتمييز بين الأنشطة المشبوهة والأنشطة الطبيعية مع تفعيل حالة الإنذار المبكر تجاه أي نشاط غير مرغوب فيه على النظام أو الشبكة أيّاً كان ذلك.
- التقييم الصحيح والدقيق للأنظمة المتأثرة، وحجم الضرر الذي حدث، لتوجيه الموارد بشكل فعال لمعالجة المشاكل حسب أولوياتها وأهميتها.
- تقليل الأضرار إلى أدنى مستوى من خلال محاولة احتواء الخرق الأمني بعزل الأنظمة المخترقة عن الأنظمة السليمة والتي تعمل بشكل صحيح.
- التحليل والتحقيق في حالة وقوع الحدث الأمني لتحسين الإجراءات الحالية وفقاً لذلك.
- اختبار جميع الأنظمة المستخدمة قبل استئناف أي عملية والتأكد من مدى أدائها في العمل، ثم استرداد البيانات من وحدات التخزين الآمنة.
- توثيق عملية الخرق الأمني بكامل تفاصيلها وتوجيهها إلى الجهات المختصة أو القانونية للتعامل معها على الفور.
- تحسين وتطوير تدابير الأمان بأعلى مستوى ممكن.
استعدادك اليوم يمكنه أن يحدث فرقاً كبيراً بين استجابتك الفورية للحالات الطارئة وبين الأضرار الناجمة عن كل تلك المخاطر والتحديات، ولا تنسى أن كل انتهاك يساعدك على تعزيز أمانك الرقمي بشكلٍ أكبر.
في نهاية مقالنا نود أن نذكرك بأنك سيد نفسك والحارس الأمين على بياناتك سواء كنت فرداً أو شركة، فكل قرار تتخذه اليوم وكل إجراء تفعله الآن يبني لك قلعة من الأمان التي تحيط مستقبلك من أي اختراق أمني أو هجمات إلكترونية، امنح بياناتك الحماية التي تستحقها بدءً من الآن.